لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
تفاسير سور من القرآن
110461 مشاهدة print word pdf
line-top
معنى قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ

...............................................................................


إِنَّهُمْ ؛ أي الكفار الذين كذبوا نوحا الذين أهلكهم الله بالإغراق بالطوفان كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ والعمون جمع العَمِي ووزن العمي فَعِل، أصله عَمِيٌّ تطرفت الياء بعد الكسر فصار ناقصا، والعَمِي هو أعمى القلب، والعياذ بالله.
وقراءة الحجة من القراء منهم السبعة بل والعشرة قَوْمًا عَمِينَ جمع عمي، والعمي هو الذي قلبه أعمى لا يعرف الحق، ولا يميز بين الشر والخير، ولا الباطل والحق، ولا الحسن ولا القبيح. أما قراءة: قوما عامين على وزن فاعل؛ فهي من القراءات الشاذة؛ فلا تجوز القراءة بها.
وإن كان المقرر في علوم العربية أن الصفة المشبهة سواء كانت على وزن فعيل كما هنا في قوله: عَمِينَ أو وزن فعيل أو غيرهما إذا أريد بها التجدد والحدوث جاءت على وزن فَعِل. وهذا معنى معروف مقرر في علوم العربية كثير في القرآن.
وفي كلام العرب إلا أنه لا يجوز قراءة هنا، وإن كان سائغا لغة؛ لأن الصفة المشبه إذا أريد بها التجدد والحدوث عبر عنها بصيغة الفاعل سواء كانت من فعيل أو من فيعل أو غيرهما كما هو معروف.
فالعرب مثلا تقول ضاق صدره يضيق فهو ضيق فالضيق صفة مشبهة من ضاق على وزن فيعل، فإذا أريد به التجدد والحدوث عدل عن ضيق، وقيل: ضائق. ومنه قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ لم يقل: ضيق، لأنه أراد تجدد الضيق وحدوثه.
وهو كثير في كلام العرب، ومنه قول الشاعر العكلي حيث قال:
بمنزلة أما اللئــيم فسـامـن
بها وكرام القوم بـاد شحـوبهــا
سامن أصله سمين صفة مشبهة لما أراد به التجدد والحدوث عبر عنه بوزن فاعل.
ومنه على وزن فعيل قول لبيد بن ربيعة رضي الله عنه:
رأيت التقى والجود خير تجـارة
رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقــلا
أصله ثقيل صفة مشبهة من ثقل فهو ثقيل، ولما أراد به التجدد والحدوث قال: ثاقل.
ومن هذا المعنى قول قيس بن الخطيم لما قال:
أبلغ خداشا أنــني ميـــت
كل امرئ ذي حســب مـائـت
لما أراد التجدد والحدوث قال: مائت.
وهذا كثير في كلام العرب يكفينا منه ما ذكرنا الآن.
والشاهد أن قراءة الحجة من القراء قَوْمًا عَمِينَ جمع تصحيح للعَمِي على وزن فَعِل صفة مشبهة من عمي يعمى فهو عم إذا كان أعمى القلب، وأن قراءة عامي قراءة شاذة لا تجوز القراءة بها، وإن كان مثلها يجوز لغة إذا أريد التجدد والحدوث، وما كل ما يجوز لغة يجوز قراءة؛ لأن القراءة سنة متبعة. وهذا معنى قوله: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ والعياذ بالله.
لأن الله يعمي بصائر الكفار حتى يهلكوا إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ وصرح في سورة الرعد بأن جميع الذين يعرفون حقية هذا القرآن أنهم لم يمنعهم من ذلك إلا عمى بصائرهم، والعياذ بالله.
والعين العمياء لا يمكن أن ترى الشمس، ولو كانت في رابعة النهار؛ إذ لا ترى الشمس عين تشتكي العور:
إذا لم يكن للمرء عـين صحيحــة
فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر
والآية التي بين الله بها ذلك من سورة الرعد هي قوله: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى فصرح أن الذي لا يعلم أنه الحق أن ذلك إنما جاءه من قبل عماه؛ فالقرآن نور أوضح من نور الشمس، والذي لا يرى أحقيته إنما جره لذلك عماه. والأعمى لا يرى الشمس، وعدم رؤيته للشمس لا يجعل في الشمس لبسا ولا ريبا ولا شكا كما بينا، وهذا معنى قوله: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ .

line-bottom